شباب العرب

عزيزنا الزائر دعنا نتشرف بانضمامك الينا عن طريق ايقونة التسجيل اعلى الصفحة اما اذا كنت مسجل مسبقا فاضغط على ايقونة الدخول لتشارك بالمنتدى.

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

شباب العرب

عزيزنا الزائر دعنا نتشرف بانضمامك الينا عن طريق ايقونة التسجيل اعلى الصفحة اما اذا كنت مسجل مسبقا فاضغط على ايقونة الدخول لتشارك بالمنتدى.

شباب العرب

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى شباب العرب


3 مشترك

    الحب الالهي في الشعر المقدسي

    abo ayham
    abo ayham
    مشرف القسم الأدبي
    مشرف القسم الأدبي


    عدد المساهمات : 92
    تاريخ التسجيل : 04/04/2009
    العمر : 36
    الموقع : الروح

    جديد الحب الالهي في الشعر المقدسي

    مُساهمة من طرف abo ayham الجمعة أبريل 10, 2009 3:10 pm

    الحب الإلهي في شعر المقدسي


     الملخّص 

    كان شعر المقدسي – بحقٍّ – مرآةً صادقةً لفكره، وفلسفته، وفنّه، كما تمثَّلت فيه أَهم الموضوعات التي شُغل بها شعراء التصوف؛ من حب إلهي، ومديح نبوي، وفكر ومباحث صوفية وأخلاقية.
    وشاعرنا عبد السلام(1) سليل أسرة مقدسيّة، أصيلة في علمها وتقاها، عريقة في زهدها وتصوفها، جُلُّ أفرادها شعراء بلغاء، على أنهم جميعاً صوفيّون تلُفُّهم روحانية مُغرقة، وكان العشق الإلهيُّ والتفاني في أبحره غير المتناهية من أبرز ما عُرف به القوم، وتواصَوا به وأورثه بعضهم بعضاً، وابنُ غانم قد ورث آباءه وتمثَّلت فيه جُلُّ صفاتهم العريقة في الزهد والتصوّف والأدب.
    ولئن كان شاعرنا قد طرق معظم الأغراض التي عرفها سابقوه، فهو لم يكن مقلِّداً مُجيداً وحسب، وإنما هو قد جاء بفنونٍ ابتكرها ( كالتحدث بلسان الحال، وتقمّص الشّخصيات ) عرضنا لها بالتفصيل في مواضعها. على أن ما نريد الوقوف عنده في هذه العُجالة هو غرضٌ من أبرز الأغراض التي ميّزت شعر المتصوفة، وجعلت الكثيرين ينظرون إليه نظرة إجلال وتقديسٍ، ألا وهو الحبّ الإلهيّ، الذي يمثّل المحور الأساسي، والغرض الأصيل في شعر المقدسي، وجميع الأغراض الأخرى كانت تؤول إلى ذلك الحب؛ فهي فروعٌ له أو روافد تصبّ فيه.

    مقدّمة:
    ما من أَمرٍ أَقضّ مضاجعَ الصوفية، فأَرَّقَ ليلهم، وأَقلقَ نهارهم مثلُ الحب. وما من كلمةٍ لهجَ بها هؤلاء، وترنَّموا بها في أَناشيدهم وأَشعارهم مثل الحب؛ فالحب مذهبهم، والحب مشربهم، والحب دَيدنـهم. وهل كان المتصوفة من مبدأ أَمرهم إلى نهاية مطافهم إلاّ عشاقاً والِهين متأَلِّهين؟!
    والمحور الأساسي في شعر المقدسي كان الحب، وهذا الحب أخذ لديه مظهرين اثنين؛ فقد كانت لواعج شوقه تتجه أحياناً إلى النبي الكريم، فيعبّر عنها بالمديح النبوي. كما كانت تسمو به الهمم أحياناً وترقى إلى الخالق سبحانه، فيعبّر عن ذلك بالغزل الصوفي أو بالخمريات الصوفية.
    ومن البداهة أن كِلا النوعين يصبّان، من حيثُ الغايةُ، في مصبٍّ واحدٍ؛ فالله سبحانه هو الذي خاطب نبيَّه بقوله:  قل إن كنتم تُحبّون الله فاتّبعوني يُحبِبْكم الله (2). وقد ورد عن النبي الكريم قوله: { من أَحبني فقد أَحبّ الله}(3). ومنطق الأمور – ولاريب – يقتضي أن يكون حبُّ النبيّ فرعاً لحبِّ الله، أو رافداً له يصبّ فيه، والمقدسي أَشار إلى هذا المعنى بقوله:

    ولـولاهُ مـا زُمّت رِحـالُ مَطيّنا
    إلـى يثربٍ تبغي الذي هو يهواهُ(4)

    ومن ذا الذي اختاره الله، وخصّه بحبّه منذ القدم غير نبيِّه الكريم محمدٍ، وهذا ما عناه شاعرنا بقوله:

    ولقـد حَبـا اللهُ العظيـمُ محمداً
    بالحبـِّ منـه في الزمانِ السابقِ(5)

    الغزل الصوفي في شعر المقدسي:
    يشغل الغزل الصوفي مكاناً واسعاً من الإرث الشعري الذي خلّفه ابن غانم، بل هو يشغل الحيّز الأوسع من شعر المتصوفة على وجه العموم، ولا غرابة في هذا؛ وقد علمنا أن غاية الغايات لدى هؤلاء هي المعرفة الإلهية، أو القرب من الله سبحانه، بل الفناء الكلِّي في ذاته تعالى، حتى يصير المحب والمحبوب واحداً؛ فيفنى من لم يكن، ويبقى من لم يزل.
    وإذا ما استعرضنا دواوين كبار شعراء التصوف؛ كالحسين بن منصور الحلاّج، وابن عربي، وابن الفارض، والمقدسي، وأمثالهم من العرب. وxxعد الدين الشيرازي، وسنائي، وفريد الدين العطار، وجلال الدين الرومي، وغيرهم من غير العرب. نجد أن الكثرة الكاثرة من أشعارهم تدور في فلك الحب ولوازمه (6)؛ من شرح الأشواق، وشكوى البعد والهجر، ولوعة الحنين، إلى متعة النجوى، وجلال المشاهدة، ولذّة القرب والوصال.
    وبعدُ، فليس غلوّاً أن نقول: إن الأغراض الشعرية الأخرى التي نجدها لدى شعراء المتصوفة عموماً، ولدى شاعرنا بطبيعة الحال، كانت تَؤوُل إلى ذلك الحبّ الإلهيّ، بسببٍ مباشرٍ أو غيرِ مباشرٍ، جَليّ أو خفيٍّ، وأن تلك الأغراض المختلفة ما كان لها أن توجَد في أشعارهم أو تُذكَر لولا بَواعثُ ذلك الحبّ ودَواعيه، ولئن كان في مقدورنا التفريقُ – لدى الشعراء التقليديين – بين شعر الغزل وشعر الخمر " الحسّيين "؛ في غاية كلٍّ منهما وفي طرائقه التعبيرية، والنظرُ إلى كلّ فنٍّ من الفنّين نظرةً مستقلةً عن الآخر، فمن غير الجائز أن ننحوَ المنحى نفسَه في فهمنا ودراستنا شعرَ المتصوّفة؛ ذلك أن الخمر التي عنها يتحدّثون، والسكر الذي فيه يَهيمون، وما يلحق بذلك كله من ذكر الكأس والدنّ والحان، والساقي والشرب، وما إلى ذلك، ليس في حقيقته إلاّ مصطلحاتٍ ابتكروها، أو ألفاظاً استعملوها استعمالاً مجازياً، ليعبِّروا عمّا يَنتابهُم من أحوال الحبّ والقرب والوصال.
    فسُكر هؤلاء هو قربهم ووصالهم، وساقيهم هو محبوبهم، وكاساتهم هي تجلياته المتعددة، وعلى ذلك فإن شعر الخمر لدى المتصوفة هو شعر الغزل عينُه - من هذا الوجه - وإن اختلفت الألفاظ وطرائق التعبير بين هذا وذاك.
    ولا يختلف الأمر كثيراً حين يكون الحديث عن مقاماتهم الصوفية؛ فما الفناء والبقاء، والتجلّي والمشاهدة، والقَبْضُ والبَسْطُ، والفَرْقُ والجَمْع، وما شابه ذلك إلاّ مصطلحاتٍ تعبّر عن أحوالٍ تنتاب القومَ في سلوكهم وتَرقيِّهم في ميادين الحبّ والقرب والمعرفة الإلهية(7). حتى إنّ كلامهم في الزهد وذمّ الدنيا، والردّ على المنكرين، يرتبط – ولا شك – بهذا الحب، ويرجع إليه؛ فهل أعرض هؤلاء عن الدنيا، وتخلَّوا عن مَباهِجها ومُغرِياتِها، وتَحمَّلوا لوم اللائمين، إلاّ تقرّبا من الله وزُلفى ؟؟ فلا غروَ –على هذا النحو – أن يكون شعر الغزل هو الغرض الأصيل في شعر المقدسي، وتكون الأغراض الأخرى فروعاً له أو بعضاً من لوازمه.

    العام والخاص في الغزل الصوفي:
    رأينا تَوحُّدَ المتصوّفة في حبّهم وغزلهم؛ من جهة المقاصد والغايات، والأحوال والمقامات، ثم اتفاقَهم في الأساليب التعبيرية، والمصطلحات الصوفية، فهل نفهم من ذلك أنهم كانوا جميعاً يمثِّلون نموذجاً واحداً، ذا طابعٍ واحدٍ، وذوقٍ واحدٍ، وغايةٍ واحدةٍ؛ فلا اختلافَ في مَشاربهم، ولا فرقَ في مَواجِدهم، وأن القارئ لا يجد فرقاً بين أن يقرأ شعر ابن الفارض، أو يسمع شعر المقدسي، أو يتمعّن في شعر ابن عربي؟
    علينا أن نذكر هنا أن ما ينطبق على شعراء الغزل الصوفي – في هذا الصدد – ينطبق تماماً على شعراء الغزل التقليدي، فهؤلاء أيضاً يَصدرون في أشعارهم عن عاطفة واحدة، كما يشتركون في أحاسيس واحدة؛ فالشوق والحنين، والهجر والوصال، والبعد واللقاء، والعَذول الذي يُنغِّص عيشهم، كلّ هذه من الأمور التي يشترك فيها شعراء الغزل الحسي، ومع ذلك فما كان هؤلاء يُمثِّلون نموذجاً واحداً مكروراً، وإنما كان لكلٍّ منهم تجربته وخصوصيته في الحب، وبالتالي فإن له خصوصياته وميزاته في الشعر والأدب.
    abo ayham
    abo ayham
    مشرف القسم الأدبي
    مشرف القسم الأدبي


    عدد المساهمات : 92
    تاريخ التسجيل : 04/04/2009
    العمر : 36
    الموقع : الروح

    جديد تابع الموضوع السابق

    مُساهمة من طرف abo ayham الجمعة أبريل 10, 2009 3:14 pm

    الذي جرّه عليه شعره، إذ اضمحلت فيه الخطوط الفاصلة بين الحبّ الحسّي والحبّ الروحي الربّاني، وتلاشت بحيث يغدو التمييز بينهما أمراً عسيراً.
    وإذا كان شاعرنا المقدسي يستعير – أحياناً – من لوازم العشق والغزل الحسي ما قد يُوهم السامع، قليلَ الخبرةِ بأساليب القوم، أنه غير جائز في باب العشق الإلهي، كقوله في عتاب الأحبّة:

    أُعاتـبُ من أهوى فيُصغي تَعطُّفا
    إليـكَ فإنَّ العشقَ للصَـبِّ مهلكٌ
    ولا غـروَ إن أنكرتَ فرطَ صبابتي
    عَلـيَّ وأُصغي بعـد ذاك فيَعتِبُ
    وفـي طيِّه مـن جانبِ الصبرِ مَطلبُ
    وداءُ الهوى صعبٌ لمن لا يُجرِّبُ(16)

    فبالنظر إلى مستهلّ القصيدة الذي يقول فيه:

    حديـثُ الهوى يُملى علي فأَطربُ
    فـلا عجـبٌ أني سكرتُ وإنّمـا
    وكأس الرضا يُجلـى عليَّ فأشربُ
    بقائي وقد أَفنانيَ الحبُّ أَعجبُ(17)

    نجد من ألفاظ الصوفية ومصطلحاتهم ( كأس الرضا، البقاء بعد الفناء ) ما يؤكّد أن الشاعر يرمي إلى حبّ إلهيّ لا بَشري، وأن العتاب الذي يشير إليه الشاعر هو كالذي ورد في قوله تعالى لنبيه الكريم:  عفا الله عنكَ لِـمَ أَذِنتَ لهم(18) وفي قوله عليه الصلاة والسلام لربّه، حين بلغ به أذى المشركين – في قصته مع ثقيف الطائف - مَبلغَه: { أَنتَ ربُّ المستضعفين، وأَنتَ ربّي، إلى من تَكِلُني؟ إلى بعيدٍ يتَجهّمُني، أم إلى عدوّ مّلكتَه أَمري؟
    إن لم يكن بك غضبٌ علَيَّ فلا أُبالي }(19). فقد عاتب اللهُ النبيَّ وعاتبه نبيُّه، وعتابهُـما يُحمَلُ على عتاب الأحبّة، وهو أمرٌ مألوفٌ في مقام الحبّ.
    وفي أغلب الأحوال كان شاعرنا صريحاً في غزله، مُبيناً في مقاصده الصوفية، ومعبِّراً تعبيراً مباشِراً أحياناً عن تَرفُّعه عن أيِّة علاقةٍ بشريةٍ أو حبٍّ أُنثوي، بل هو ينعت ذلك الحبَّ البشريّ بالخسّة والدّناءة، يقول(20):

    شُغِلتُ بمن أَضحى فؤادي محلَّه
    ولم تَرضَ روحي بالدَّناءة إنّما
    فشاهدتُ معنىً لو بدا كشفُ سِرِّه
    على طُورِ قلبي كان ميقاتُ قُربتي
    فلاحَ على الأشباحِ منها جلالُه
    ولم يكُ شُغلي بالرَّبابِ وعَلْوَةِ
    إلى عالمِ المعنى زَممتُ مطيَّتي(21)
    لصُمِّ الجبالِ الراسياتِ لدُكَّتِ(22)
    وفي قابِ قوسيِّ الحبيبِ تجلَّتِ
    وفاح على الأرواحِ عِطرُ نُسَيْمتي


    والأبيات – كما نرى – لا يمكن قراءتها إلاّ قراءةً صوفيةً، فقوله: ( شغلت بمن أضحى فؤادي محلّه ) إشارة إلى الحديث القدسي: { ما وَسِعني أَرضي ولا سمائي، ووسعني قلبُ عبديَ المؤمن }(23) وقوله: (عالم المعنى، وطور قلبي، وقاب قوسيّ الحبيب، وتجلّت، والأشباح والأرواح ) كلّ هذه الأمور لا يمكن فهمها وتفسيرها إلاّ في إطار حبٍّ صوفيٍّ يتسامى فوق عالم المادة.
    وفي قصيدة أخرى يعبّر عن هذا المعنى أيضاً، مؤكِّداً تَرفُّعه عن الحبّ البشري في أَرقى صوره، لأن لديه ما يشغله عن كلّ ما يصبو إليه أرباب الحب التقليدي، وأساطين الغزل العذري، ذاك هو المحبوب الأزلي الذي سكن قلبَه، واستولى على جوارحه؛ فَبهِ يسمع وبه يُبصر، هو مقصوده إذا صَرَّح، ومُراده إذا كنّى، إنه غاية الغايات، وكلّ ما في الجِنان من نعيمٍ خالدٍ تطمح إليه النفوس، فإن شاعرنا لا يجد له قيمةً تُذكَر، أو نفعاً يُرتجى، إلاّ أن يكون سبباً في قربه من محبوبه، وهو أَقصى ما تتمنّاه نفسه، ويهفو إليه قلبه:

    فدعني مِن تغَزُّل قيسِ ليلى
    فبي شغَفٌ عن الأشعارِ يُلهي
    وفي إيّايَ كلُّ لطيفِ معنى
    أُغنّي باسمِ حِبّي لا أُكَنّي
    ولا أَبغي النعيـمَ ولستُ أرضى
    وما نفعي بـدارٍ لســتَ فيهـا ومن أبياتِ شِعر جميلِ بُثْنِ(24)
    وبي طرَبٌ عن الأوتار يُغني
    فمِنّي إن سمعتُ سمعتُ عنّي
    وإن أَكُ قد كنَيتُ فذاك أَعني
    نعيمـاً لا ولا جناتِ عَدْنِ
    وأنتَ القصـدُ يا أَقصى التَّمنّي
    وفي البيت الثاني نجد الإشارة واضحةً إلى أن الفن ليس مقصوداً لذاته، لدى شاعرنا؛ فالشعر والموسيقى عند الصوفية إنما هما وسيلتان لا غايتان، وهما من جملة الأدوات التي يَستجلِب بها القوم الشعورَ بالوَجد الباطني، والغِبطةِ الروحية، التي يَنشُدها هؤلاء، ويَسْعَون إلى تحقيقها بمختلف السُّبل والأَساليب.

    لَوازِمُ الحُــبِّ:
    1- البُعد والفراق، وشوق المحبين:
    يلخِّص الشاعر معاناة المحبيّن، وما يلقَونه من ألم البعد وهجر الأحبّة وصدّهم، فيقول:

    وهجرٌ وصدٌّ وبُعـدٌ لمن
    أَحَبَّ؛ ثلاثٌ من المُضنياتِ(25)

    وهذه الأمور تُضني العاشقين حقّاً، وتسبّب لهم العناء والشقاء. ويشبّه الشاعر ما يلقاه من ألم الصدّ ولوعة الشوق بنار الجحيم، ولاسيما أن ليل البعد يطول على العاشق حتى يخيّل إليه أنه لا صُبحَ بعده، ولا نهاية لعتَمتِه، وفي الوقت نفسه لا مَفرَّ منه ولا مَهرب:

    أيـنَ المفرُّ مـن الهـوى
    فَـذُقِ المحبـةَ واعتبـِرْ
    مـن ذا يَطيـقُ تَصبُّـراً
    يـا سّيدي مالـي أَرى
    هيهـاتَ "كلاّ لا وَزَرْ"(26)
    كـم فـي المحبةِ مِنْ عِبَرْ
    مـا فـي المحبةِ مُصطَبَر
    ليـلَ الصُّدودِ بلا سَحَـر

    وليس للمحب العاشق إلاّ أن يذرف الدموع غزاراً، تحت وطأة شوقٍ أَضنى جسده، حتى اعتراه النُّحول، وغلَب عليه الاصفرار والذُّبول:

    ركِبوا الشوقَ في هواهُ وساروا
    لـو تراهُمْ وسُقْمُهمْ قد بَراهُمْ
    ولهـم أَدمـعٌ عليـه غِـزارُ
    واعتَراهُمْ مـن النُّحولِ اصفرارُ(27)


    دموعٌ وحَسراتٌ، ولوعةٌ وآهاتٌ، وشوقٌ كالنار يُحرق قلوب العاشقين. فمتى يكون الوصل، وتنصلح حال المحبين؟!
    أبكي عليكَ بدمعِ عيني الهاطلِ
    يا مُمرضي وطبيبَ قلبي في الهوى
    ذابَتْ بنارِ الشوقِ فيكَ حُشاشَتي
    لَعسى تَبَلُّ غليلَ قلبي العاطلِ(28)
    عُدْ بالوصالِ عليلَ جسمٍ ناحلِ
    فمتى يكونُ صلاحُ حالي الحائِلِ

    ولا يجد المحب سلوانَه إلاّ بالعيش مع الأمل، وتَرقُّبِ الوصال المنتظَر، ويا لَطولِ أَملِ العاشقين، فلئن لم يتحقّق ما تصبو إليه قلوبهم في هذه الحياة، فغداً في الآخرة يكون لهم ما يرجون، وتتحققُ أَمانيُّهم كما يرغبون:

    غداً يـا معشرَ العشّاق يُعطَى
    ونَشهـدهُ ونَنْظـرهُ عيـانـاً
    فطوبى ثـمّ طوبى ثـم طوبى
    حليـفُ الشوق منّا مـا تَمنّى
    ونَظْفَرُ بالوصال كمـا وُعِدْنا
    لمـن بجمـالِ مولاهُ تَهَنّا(29)
    abo ayham
    abo ayham
    مشرف القسم الأدبي
    مشرف القسم الأدبي


    عدد المساهمات : 92
    تاريخ التسجيل : 04/04/2009
    العمر : 36
    الموقع : الروح

    جديد رد: الحب الالهي في الشعر المقدسي

    مُساهمة من طرف abo ayham الجمعة أبريل 10, 2009 3:21 pm

    قد يألف المحبُّ عذابَه في الحبّ، فيحلو له هذا العذاب ويطيب، ويلذّ له الألم ويسوغ:

    لـو تراَهُمْ وسُقْمُهمْ قـد بَراهُمْ
    جُرّعوا الصبرَ في هواه فطابوا
    بخضـوعٍ وذِلَّـةٍ وانتحـابِ
    وبه استعذبوا أَليمَ العذابِ(30)

    قدَرُ المحبين أن يحترقوا بنار الحبّ، وعليهم أن يرضَوا بذلك المقدور، فيسلّموا به، ويستسلّموا لمجاريه:

    ولا غَرْوَ أَنْ أُصلِيْتُ نارَ تَحرُّقي
    فنارُ الهوى للعاشقينَ أُعِدَّتِ (31)

    ولِمَ لا يكون منهم التسليم، وهذه النار لا مفرَّ منها ولا مَهرب:

    نـارُ المحبـةِ أُضْرِمَـتْ
    وهـي التـي اشتَعلَتْ فلا
    أيـنَ المفـرُّ مـن الهـوى
    فـي القلبِ تَرمي بالشَّرَرْ
    تُبقـي سِواهُ ولا تَـذَرْ(32)
    هيهـاتَ "كلاّ لا وَزَرْ" (33)


    ولكن هل يستطيع العاشق أن يُحافظ على اتِّزانِه في جميع الأحوال، فيسلِّم بقدَره، ويلزم الصبر، ويتحمّل الأذى؟ لا ريب في أن ضعفه البشري سوف يتغلّب عليه ذاتَ مرّة؛ فيفقد صبره، ويضجّ بما يحمله قلبه من لوعةٍ وحريقٍ، ويصرخ في وجه عاذله، معبّراً عن هذا المعنى، فيقول:

    يـا عاذِلي في الحبّ دَعْني فقدْ
    جسمٌ نحيلٌ قد بَراهُ الضَّنى
    فكيـف لـي بالصبرِ يا لائِمي
    حُمِّلَ قلبـي فيـه مالا أُطيـقْ(34)
    ومُهجـةٌ حَرّى ودمـعٌ طليـق
    والصبرُ في شَرعِ الهوى لا يَليـق

    بل إنه في بعض الأحيان تنتابه نُوَبٌ من الشكّ والقلق، ويعبِّر عن خوفه الشديد من أن تخيب آماله، فتضيق به الحيلة، وتُسدّ في وجهه الطرق، فيتساءَل ويتساءَل؛ متى يسعفه الحظّ برؤية الأحباب؟ متى يكون الوصال؟ متى يحظى بالرضى؟… فيلجأ إلى التضرّع والاستعطاف، راجياً ربَّـهُ أَلاّ يخيّب آماله، وألاّ يبدّد أَحلامه:

    إن فاتني وصلُكم يا خيبةَ الأمل
    متى بِعَيني أَرى يومَ الوصال متى
    ألا فَحِنّوا وجُودوا واعطِفوا كرَماً
    كيف احتيالي وقد ضاقت بكم حِيَلي(35)
    أرى رسولَ الرِّضى وافى على عَجَلِ
    لا خيَّبَ اللهُ فيكـم ســادتي أَملـي

    وهكذا يركب المحب أمواج الحب، طَوْراً يصعد وطوراً يهبط، ولكنه في أغلب الأحيان يبدو قوياً جَلداً، تسمو به الهمم، فيرقى فوق الألم، ويحلو له العذاب، ويشعر بلذة الاضمحلال في الحبيب؛ فتفنى إرادته في إرادته، ويستسلم للموت راضياً به، مستمتعاً بما يجده الناس مرّاً، ولِمَ لا مادام قاضي الحبِّ يَقضي بذلك، ومادام هذا الموت الدنيوي تعقبـه حياةٌ في كَنفِ الحبيب أَبديّةٌ لانهايةَ لها ولا زوال:

    أَلِفَـتْ روحي الغرامَ فمـا
    إن يكـن أرضـاهُمُ تَلفـي
    نحنُ مـن قـومٍ إِذا عَشِقوا
    شاءَ قاضـي الحـبِّ يفعلُ بـي
    فرِضـاهُم مُنتهـى أَرَبـي
    بَذلوا الأَرواحَ فـي الطَّلـبِ(36)

    هذه هي مصداقية الصوفية في حبّهم؛ فهل بعد بَذْلِ الروح من تضحيةٍ ؟ أم فوق إتلافِ النفس راضيةً في سبيل الحبيب من مصداقيةٍ وبرهان ؟!!..



    2- التضرُّع والتوسُّل والاستعطاف:
    إذا بَرّح الشوق بالمحبّ، وأقضّ مضجعه، ولم يجد حيلةً إلى الوصال، فهل له إلاّ التضرُّعُ والتوسُّلُ إلى محبوبِه، واستعطافُه، علّه يصفح عنه ويرضى، ويمَنُّ عليه بالوصل الذي يطمح إليه فكره، وتتوق نفسه، ويشتاق قلبه ؟. ولقد كثر في شعر صاحبنا التوسّل والاستعطاف للمحبوب، فمن ذلك قوله:

    مـن لي إذا أنا عن حمـاكمْ أُمْنَعُ
    وحِماكمُ الرَّحـبُ الوسيعُ لِواردٍ
    فَقـري إِليكم شافعي، ومَدامعـي
    فأنـا الـذي عَلِقَتْ بكـم آمالُه
    فلئن مُنِعتُ رضاكمو دون الورى
    مـا حيلـةُ المطـرود إلاّ هكـذا
    وبأيِّ جـاهٍ عنـدكمْ أَتشفَّعُ
    ولصادرٍ، قل لـي فأَينَ المرجعُ
    تُملي عليكمْ قصتّي فتَسمّعوا
    مالـي وحقِّكمو سِواكُمْ مَطمعُ
    فأنـا الطريـدُ ببابكـمْ أَتضرّع
    أبـداً علـى أبوابكمْ يتخضّعُ(37)

    ونجد مثل هذا يتكرر في قصائد أخرى، وهو يضيف إلى التوسل والاستعطاف إقراراً بالذنب، واعترافاً بالخطيئة، وإحساساً مُرّاً بالندم، ولعلّ فيما يسكبه من دموع الأسى والندّم ما يُلين قلبَ المحبوب، ويُزيل ويلاتِ غضبِه، ونيرانَ صُدودِه:

    لكَ المشتكى إِذ أَنتَ بالحال أَعلمُ
    فإِن عَظُمَتْ منّي ذنوبٌ تكاثَرَتْ
    وقد غرَّني جَهلي بِقُبْحِ خَطيئتي
    إذا كنتَ تُقْصيني وأنتَ ذَخيرتي
    لئن كان طَردي عن حِماك مُحلَّلاً
    وإِن كان دمعي من صدودِكَ شافعي
    ومنك الرَّجا إِذ أَنتَ بالعبدِ أَرحمُ (38)
    فعفوُك عـن تلك الجرائمِ أَعظمُ
    وقـد دَلنّي عِلمـي بأنّكَ أَكرمُ
    لمـن أشتكي حالي ومن فيه يَحكمُ
    فمَيلي إلى مولىً سواكَ مُحرَّمُ
    فمـا حيلتي إلاّ البُكـا والتَّندُّمُ

    وشاعرنا لا يرى في هذا التضرّع والخضوع للمحبوب لوناً من ألوان الذُّلّ أو الضَّعف، أو الضِّعة، ولا يجد فيه ما يتعارض مع الشجاعة، والشهامة؛ فإنّ شَرْعَ الحبّ يسمح للمحب أن يَذِلّ لمحبوبه، وأن يُبديَ له الخضوع والاستسلام، من غير أن يَنقُصَ هذا من شهامته أو يَحُطَّ من كرامته:

    فـإذا ذَللتَ لعزّنا وَلِهتْ لِهَيـ
    فاخضَع وذِلَّ لمـن تُحبُّ فإنَّهُ
    ـبَتِكَ الملـوكُ وهابـَك السلطانُ
    حُكمُ الهوى أن تَخضعَ الشجعانُ (39)

    ولا عجب في هذا، فالمحبوب هنا هو ربٌّ عزيز، مَن ذَلَّ لعِزّه عَزَّ، ومن اتَّضعَ لرِفعتِه سما وارتفع. ويتكرر هذا المعنى في موضع آخر من ديوانه (40)، ولكن في صيغةٍ أُخرى؛ خمريةٍ غزليةٍ، يقول:

    وادْنُ مـن دَنّ حُميّاها وقـِفْ
    وإِذا نُودِيتَ مَـنْ هـذا الـذي
    وِقفـةَ المضطرِّ يُكفى إِذ دَنـا
    لزمَ البـابَ ذليلاً ؟ قُلْ: أَنـا

    ولعلّ في تلوين الأَساليب الذي اتَّسم به شعر الرجل ما يُسوِّغ له ذلك التكرار في المعاني، وما ينفي عن قارئه الشعورَ بالملل؛ فالتكرار إن لم يكن له ما يسوّغه من عناصر الجِدّة في العرض فوَقعهُ على النفوس سمِجٌ ثقيل.

    3- الطرد والهجر والقطيعة بعد الوصال:
    لعلّ أقسى ما يَعرِضُ للمحبين هو الطردُ بعد القرب، والقطيعةُ بعد الوصال، ونجد في شعر المقدسي ونثره شكوى مرّةً وتفجّعاً وحسرةً تدلّ على تعرّضه لمثل هذه الحال، التي هي أَشدُّ ألماً وقسوةً وتأثيراً في نفس العاشق الواصل، الذي عرَضت له القطيعةُ بعد أن ذاق لَذاذاتِ القُرب والوصال، وهذا ما أشار إليه الشاعر بقوله(41):
    فإـِن يُرضيكمو طَردي وبُعدي
    وحقِّ قـديمِ أَيـامِ التّصابي
    قطعتُ بوصلِكمْ أَيـامَ أُنسي
    فصبري فـي محبتكـمْ جميلُ
    سُلُوِّي عـن هواكمْ مُستحيلُ
    فلا أَسلو وقـد بَقِـيَ القليلُ


    وهو يشبّه هجر المحبوب بالسيف، وحاله في بعده عن الحبيب بالقتل، وأيُّ قتل، إنه القتل العَمد، فقد توافرت نيَّة الحبيب على هجره، الذي هو سبب قتله وموته: (42)

    قُتِلْتُ بسيفِ هجرِكمُ اعتماداً
    فإِن ترضَوْا فقد رضيَ القتيلُ

    وفي موضعٍ آخر يشبّهه بنار الجحيم مرّة، وبالموت مرة أخرى، بعد أن شبَّه لذةَ الوصال التي كان يعيشها بنعيم الجنان(43):

    قد كانَ يَأْوي إِلى جَنّاتِ وصلِكمو
    يَغشاهُ فَـرْطُ غرامٍ مِـنْ تَذكُّرِكم
    ما ضرّكم لو بَعثتُمْ طيـفَ وَصلِكمُ بالهجرِ حَرُّ لهيبِ النار مَأْواهُ
    وإِنّهُ المُبتلـى في الحبِّ ذكراهُ
    لِـميِّتِ الهجـرِ حيَّـاهُ فأَحيـاهُ
    إنّ شاعرنا لَيرى نار الجحيم أقلَّ ضراوةً من نار القطيعة، لا بل إنه يَسوغُ له الاحتراق بالنار، ويَطيب حرُّها، ويحلو لهيبها في ناظريه، في حين لا تقوى نفسه على تحمّل حرّ القطيعة وسموم الهجر، يقول في مخمّس(44):

    لو قلتَ: رِدْ في النار، طابَ جحيمُها
    إِلاّ القطيعـةَ لا أُطيـقُ أَسومُها
    وحلا وحقِّك في هواكَ حَميمُها
    فلقـد بَراني حَرُّهـا وسُمومُها

    والهـمُّ داءٌ بُـرؤهُ لـم يَنْجَـعِ

    ولعل فترة القطيعة تلك قد طالت على صاحبنا، ما جعله يُكثر النَّوحَ والبكاءَ وذَرْفَ الدموع، وينظم الأشعار الكثيرة(45)، معبّراً عمّا عاناه في تلك الفترة، وفي كتاب " كشف الأسرار عن حِكَم الطيور والأزهار "
    abo ayham
    abo ayham
    مشرف القسم الأدبي
    مشرف القسم الأدبي


    عدد المساهمات : 92
    تاريخ التسجيل : 04/04/2009
    العمر : 36
    الموقع : الروح

    جديد رد: الحب الالهي في الشعر المقدسي

    مُساهمة من طرف abo ayham الجمعة أبريل 10, 2009 3:26 pm

    اتَّخذَ من الطاووس رمزاً لمقام الهجر بعد القرب، والقطيعة بعد الوصال، وعبّر عن ذلك المعنى بقصيدةٍ - على لسان الطاووس - بالغةِ التّأثير، قال فيها(46):

    وإذا ذَكرتُ ليَالياً سلفَتْ لنا
    فأَكادُ من حُرَقي أَذوبُ صَبابةً
    وَوعدتموني في الخَيالِ بزَوْرَةٍ
    إن كان ذَنبي صَدَّني عن بابِكم
    ماضي القطيعةِ لا يُعادُ وما جرى
    في وَصْلِ أَحبابي وظلِّ رُبوعي
    لولا يَجودُ عليَّ فيضُ دموعي
    فتضاعفَتْ حُرَقي وزادَ وُلـوعي
    فإليكُـمُ فَقـري أَعـزَّ شفيع
    كافٍ وحسبـي ذِلّتي وخُضوعي


    ويُعقّب المقدسي على الأبيات بقوله: [ فوالله لقد رثَيْتُ لمصابه، وبكَيْتُ لأَوصابه، ولاشيءَ أَنكى من الاغتراب بعد الاقتراب، ولا أَمَرَّ من الحِجاب، بعد مشاهدة الأَحباب ].
    ولعل هذا المقام هو عين ما سمّاه شيخ الصوفية الأكبر في " فتوحاته المكية " [ المنـزل الذي يحطّ إليه الوليّ إذا طرده الحقّ تعالى من جواره ] وقدّم له بهذه الأبيات التي تلخّص معانيه وتبيّن سماته:

    إذا حـطّ الوليُّ فليس إلاّ
    فإن الحقَّ لا تَقييدَ فيه
    فحالُ المُجتبى في كل حالٍ
    عـروجٌ وارتقاءٌ في علوِّ
    ففي عين النَّوى عينُ الدنوِّ
    سُموٌّ في سُـموٍّ في سُـموِّ

    ويشبّه ابن عربي تلك الحال بهبوط آدم من الجنة عقوبةً له لمخالفتهِ ربَّه ومُقارفَتِه ما نهاه عنه (47).
    ولقد واجه المقدسي حالَ قطيعته بما ينبغي من الاعتراف بالذنب، والانxxار إلى الله سبحانه، والندم على
    ما فرّط في جَنبهِ تعالى، والتزام الصبر، والوفاء بحقوق المولى، والمواظبة على طاعته، والحفاظ على عهده وحبه، وقد رأينا ذلك فيما مرّ من أشعاره، وفي كثير غيرها، كقوله(48):

    هجرتم فيا لهفَ قلبي على
    مَـددْتُ يـدي مُستغيثاً بكم
    ووجَّهـتُ وجهي إِلـى بابِكمْ
    وأَقسمتُ لا حُلْتُ عن عهدِكمْ
    وإِنْ تطردونـيَ عن بابِـكمْ
    زمانٍ تقضّى بطيبِ الوصالْ
    تشيـرُ إِليكم بـِذُلِّ السؤالْ
    فـلا تَحرمونيَ ذاك الجمالْ
    ولـو ذُقْتُ فيكم أَليـمَ النَّكالْ
    فحاليَ عن حُبّكمْ ما استحالْ


    ويعبّر هنا عن حفظه العهدَ، وبقائِه على الحبّ، وتلهُّفِه إلى أيام الوصال التي زالت وحُرم نعيمَها ولَذاذاتِِها.
    وفي مواطن أخرى نراه يقف موقف المعترف بالذنب، المقرِّ بالتقصير، ولا يجد لنفسه حيلةً إلاّ البكاء والنَّدم على ما فات:

    فـإِن عَظُمَتْ منّي ذنوبٌ تكاثَرَتْ
    وقـد غرَّني جَهلـي بِقُبْحِ خَطيئتي
    إذا كنـتَ تُقْصيني وأنـتَ ذَخيرتي
    لئن كان طَردي عن حِماك مُحلَّلاً
    وإِن كان دمعـي من صدودِكَ شافعي
    فعفـوُك عن تلك الجـرائمِ أَعظمُ
    وقـد دَلنّي عِلمـي بأنّكَ أَكرمُ
    لمن أشتكي حالي ومن فيه يَحكُمُ
    فمَيلي إلى مولىً سِواكَ مُحرَّمُ
    فما حيلتي إلاّ البُكـا والتَّندُّمُ (49)


    خاتمة:
    وبعد، فهذا غَيْضٌ من فَيْضٍ، ومزايا شعر المقدسي في الحب الإلهي لا يمكننا الإحاطة بها واستيفاؤها في عُجالةٍ كهذه، وبنتيجة البحث تبيّن لنا أنّ الحبّ الإلهي كان المحور الأساسي في شعر المقدسي، وأنّ الأغراض الأخرى ما كان لها أن توجد لولا بواعثُ ذلك الحبّ ودواعيه، فهي إمّا أن تكون فروعاً له أو بعضاً من لوازمه. وبالرغم من جَريِ الشاعر على سَنن أَسلافِه، في استخدام أساليب الغزل الإنساني، فإننا لا نجد ذلك الالتباس في التمييز بين العشق الصوري والعشق الحقيقي، أو بين الحب البشري والحب الإلهي لديه (10)، والذي نجده لدى كثيرٍ من شعراء المتصوفة، ولاسيما شعراء الفرس منهم؛ فالمقاصد الإلهية في غزل المقدسي واضحة بيّنة، وحَسبنا أَننا أَلمحنا إلى بعض مآثر هذا اللون من الشعر في تراثنا الأدبي، وعرضنا لبعض إبداعات شاعرنا عبد السلام الموسومة بتنوع الأساليب، ورقّة التعبير، وعمق الأفكار، إبّان عصرٍ طغت فيه المحسنات البديعية، وساد الاهتمام باللفظ على حساب المعنى، لدى شعرائه على وجه العموم، ولم يَنجُ من آثار ذلك أعلام الشعر والأدب في تلك الحقبة.
    المحب
    المحب
    المراقب العام
    المراقب العام


    عدد المساهمات : 266
    تاريخ التسجيل : 30/03/2009
    العمر : 37
    الموقع : الموقع عن صاحب المواقع

    جديد رد: الحب الالهي في الشعر المقدسي

    مُساهمة من طرف المحب الأحد أبريل 12, 2009 4:59 pm

    ما من أَمرٍ أَقضّ مضاجعَ الصوفية، فأَرَّقَ ليلهم، وأَقلقَ نهارهم مثلُ الحب. وما من كلمةٍ لهجَ بها هؤلاء، وترنَّموا بها في أَناشيدهم وأَشعارهم مثل الحب؛ فالحب مذهبهم، والحب مشربهم، والحب دَيدنـهم. وهل كان المتصوفة من مبدأ أَمرهم إلى نهاية مطافهم إلاّ عشاقاً والِهين متأَلِّهين؟!




    الحب حياة للإنسان العاشق لربه وزاهد في عبادتو والحب قابع في قلوب العاشقين لرب الكون ,...


    يسلمو كتير على الموضوع القيم

    وانتا والله نوارة المنتدى
    abo ayham
    abo ayham
    مشرف القسم الأدبي
    مشرف القسم الأدبي


    عدد المساهمات : 92
    تاريخ التسجيل : 04/04/2009
    العمر : 36
    الموقع : الروح

    جديد رد: الحب الالهي في الشعر المقدسي

    مُساهمة من طرف abo ayham الإثنين أبريل 13, 2009 9:18 am

    تسلم حبيبي مو عشان اسمك المحب عجبك الكلام اللي بيحكي عن الحب
    هههههههههههههههههههههههههه
    تسلم حبيبي وانت
    من القراء المميزين بالمنتدى
    مشكور على هالاهتمام
    المحب
    المحب
    المراقب العام
    المراقب العام


    عدد المساهمات : 266
    تاريخ التسجيل : 30/03/2009
    العمر : 37
    الموقع : الموقع عن صاحب المواقع

    جديد رد: الحب الالهي في الشعر المقدسي

    مُساهمة من طرف المحب الأحد أبريل 19, 2009 3:38 am

    حبيبي العفو

    مواضيعك كلها اللي بتنزل بتثير اهتمام الجيمع لانو مضمونها رائع وإلو فايده
    bahia
    bahia
    شب جديد


    عدد المساهمات : 72
    تاريخ التسجيل : 05/04/2009
    العمر : 32
    الموقع : no

    جديد رد: الحب الالهي في الشعر المقدسي

    مُساهمة من طرف bahia الأحد أبريل 19, 2009 4:14 am

    عجبتنى كتير مواضيعك واذا بيدل على شي !! بدل على انك فهمان Smile تحياتي
    abo ayham
    abo ayham
    مشرف القسم الأدبي
    مشرف القسم الأدبي


    عدد المساهمات : 92
    تاريخ التسجيل : 04/04/2009
    العمر : 36
    الموقع : الروح

    جديد رد: الحب الالهي في الشعر المقدسي

    مُساهمة من طرف abo ayham الجمعة أبريل 24, 2009 5:01 pm

    hhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhhh

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 16, 2024 5:41 pm